على ارتفاع 36 الف قدم

 شهر ديسمبر للتو حل..
الخريطة أمامي تشير إلى أننا فوق جزيرة جرين لاند.. هي جزيرة ليس لها من اسمها نصيب فهي مغطاة بالثلوج أغلب أيام العام..

على ارتفاع 36 الف قدم…
ألتفت لنافذة الطائرة على يساري.. أرى سماء تمتد بلا نهاية لا يحجبها إلا  حبيبات ثلج على النافذة..  ربما إنها إشارة من جرين لاند اننا نطير فوقها.. و كأنها بحاجة لتذكيرنا لذلك.. فدرجة حرارة الحرارة خارج الطائرة 66 تحت الصفر
نعم 66 تحت الصفر..  هذا ليس خطأ املائي
هل تظنون انها درجة منخفضة جدا..
انها فعلا كذلك انها كفيلة بتجميد كل شي تعرفه في حياتك المدنية …
لكني قابلت بشر دواخل قلوبهم  ابرد من جرين لاند بأسرها..
حين تتخلى عن من يحبك..  من ضحى لأجلك.. ثم تعيش مع ذلك.. فصدقني لم يتم اختراع ألة قادرة على قياس درجة حرارة قلبك الفارغ والبارد حين تفعل ذلك …
لا أدري لما قد يفعل البشر ذلك بأنفسهم وبمن يحبون..
حين يغيب الإنسان عن من يحب تغيب عنه بهجة الحياة.. تغدوا حياته رتيبة مطلية باللون الأبيض والأسود..
كيف يعيش مع ذلك.. لا تسألني فما جربته..
لكن حين غبت مضطرا عن من أحب لبضعة أيام كان ذلك بعض مما شعرت به..
صوتها و صورتها آخر مرة رأيتها محفورة في ذاكرتي… تلك هي ما يبقني دافى في تلك في هذه الأيام الشاتية..
كم مضى منذ قابلتها اول مرة… تسع أو عشر سنين لا أعلم… ما أعلمه اني ما زلت احبها كما كنت.. بل اشاطركم سرا.. اني احبها اكثر واني لا أعرف نفسي حين تغيب عني.. لأن بغيابها غاب جزء مني.. حتي المرأه أصبحت تعرف ذلك فتريني صورة لشخص لا اعرفه..
فالشخص الذي اعرفه لديه شعلة حب تلتهب  في قلبه أوقدت  يوم عرفها… تلك الشعله تضي  حياته.. تنير مظلمات الدروب أمامه..
هل تعلم كم احبها.. هل تعلم كم اعشقها.. هل تعلم أني احبها بكل جنونها بكل تمردها.. بكل رضاها و غضبها..

نعم غضبها

هل اخبرتكم  اني اضحك حين تغضب…
ربما لم اخبركم أخبرتها مرة انك جميلة في كل حالتك حتى وانت تصرخين علي غضبا لسبب تافه.. كم مرة سرقت قبله من شفتيها وهي لم تكمل شرح سبب المشكلة التي برأيها أن الكون يدور حولها.. لا تقلقوا فهذي المشكلة لا تعدوا أنني تأخرت قليلا بعملي الذي تظن أنه ينافسها على حبي.. أو أن أكون سرا هربت بعض الحلوى لابنتنا  التي لم تنهي حل واجب اللغة الإنجليزية.. ربما تكون أكبر مشاكلها أنني خرجت انا وابننا الصغير خارج المنزل بدون حذاء.. تقرعه و تنظر لي وتنتظر مني المسنادة وانا الذي أمضى ردحا من حياته يركض حفي القدمين.. حينها اتظاهر أمامها أنني أخطأت.. و ابنتنا من خلفها تغمز لي.. حين فقط تعلم أن كل العائلة تتآمر ضدها…

من أنا لو لم تدخل حياتي.. سؤال لا أعرف اجابته..

ومن انا لو خسرتها..
ربما بعض الخسارة تكون نهاية العالم للبعض.. ذلك البعض انا منهم بالتأكيد ..
ما زلت على ارتفاع 36 الف قدم ولا افكر إلا بها.. ما الذي تفعله الآن.. حتما هي الأخرى تفكر بي..
لا تحملوا لها هذي الرسالة الطويلة.. بل احملوا لها رسالة من أربع أحرف مضمونها…

أحبك..